بنت عشرين للشاعر العظيم مفدي زكريا
صدق الوعد فاطفحي يا بشائر ... ودنا السعد فامرحي يا جزائر
ومضى الزحف يجرف السد لما ... أن طغى المد من دماء المجازر
وسمعنا – يا بنت عشرين – صوتا ... قدسيا يحدو ركاب المقادر
فاجتلى الرب يوم كلمه الشعب ... وناجاه في الذرى كل ثائر
فدنا من كليمه وتدلى ... قاب قوسين عاصفا بالجبابر
واستوى الفلك بعد أن قيل بعدا ... وانمحى الشك عن ضمير الدياجر
وصدقنا الفدا فرعنا المنايا ... وسبقنا المدى فقدنا المصائر
وأردنا البقا فدسنا غرور الدهر ... فانقاد راغم الأنف صاغر
وسخرنا من مزعجات الليالي ... وهزأنا من كبريات المخاطر
وأتى أمرنا فأطرقت الدنيا ... خشوعا وأذعنت للأوامر
وحرقنا نفوسنا فصنعنا ... من شعاليلها مصير الجزائر
بنت عشرين .. يوم مولدك الدامي ... رأينا دماك تبني الجزائر
وبلغت الفطام بعد ثمان ... فرأينا حجاك ناه وآمر
يا سماء اقلعي .. ويا أرض ميدي ... واسمُ يا عقل ، واخلصي يا ضمائر
أينع الـغـرس من رماد الضحايا ... ونما الزهر من رفات المقابر
ونفوس المضرجين تصاعدن ... بخورا من عابقات المجامر
زغردي تصرخ الدنيا بنت عشرين ... وتنبض بها عروق الجزائر
واخفقي يا بنود تخفق لك الدنيا ... ويغمر سناك أرض الجزائر
أنا من فيض وحيها ، سرّ إلهامي ... ولولا العذاب ما كنت شاعـر
كم تغنيت في الدنيا ببطولات ... بلادي وكم غزوت المخاطر
وعلى الشاهقات والقاع والساح ... وقعت خطى الثائر الشجاع المغامر
وتخطى قعر السجون نشيدي ... طائرا في الفضاء مع كل طائر
وتسامى مخلدا كل ذكرى ... يقنص الوحي من جهاد الجزائر
عاشقا كل ما به .. كل من فيه ... ومن فوقه ومن بالمقابر
بنت عشرين خلدي اليوم ذكراك ... عساها تنير بعض البصائر
عمر المجد أنت لا عمر الورد ... وفي الورد مسحة تتناثر
أنت كا لشّم رفعة وشموخا ... أبدا لن تنال منك الأعاصـر
بنت عشرين والغرام ابن عشرين ... وعمر الشباب ريان ناضر
لم أزل عاشقا ولوعا وان ... جاوزتُ خمسين وابن خمسين ماهـر
عمر الشاعر الأصيل ، شباب ... أزلي مثل الحظوظ البواكر
يرضع الحب والجمال حناياه ... ويروي صباه فيض الخواطر
أنا من همت بالجمال قديما ...وتغنيت بالعيون الفواتر
وعشقت الأصيل والنهر والواحة ... والرمل والمها والجئاذر
والصباح الرضيع والورد والشاطئ ... والليل والنجوم الزواهر
مذ عرفت الجمال آمنت .. بالله ... ثم آمنت بعده بالجزائر
حسدونا على الجزائر لما ..... خط فردوسه بأرض الجزائر
وحباها ملئ الجمال جلالا ... طأطأت دونه رؤوس الجبابر
كلما جاء بالكتاب نبي ... جئتكم في يدي بكتاب الجزائر
بنت عشرين باسم عشرين أشدو ... ملء سمع الدنا نشيد الجزائر
ليس في الشعب بقعة لدخيل ... ليس بالملحدين تبنى الجزائر
وابعثوا المقدس الذبيح المسجى ... بالتحام القوى وعقد الخناصر
وأعيدوا تشرين يمسح بقايا ... العار بالعار حبها المتطائر
ثقة الشعب ذمة فارقبوها ... واحذروا الشعب يوم تبلى السرائر
إن فعلتم فالمجد لابنة عشرين ... وطول البقا لشعب الجزائر
الثلاثاء 5 يوليو 2011 - 22:47
