بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
أما بعد فهذه هي الحلقة الثالثة عشر حول كيفية تربية الأطفال تربية إسلامية فبعدما تحدثنا أولا عن تعليم الطفل البسملة قبل تناول الطعام
وثانيا عن الحمد بعد الإنتهاء من الأكل
وثالثا عن الأكل باليمين في الطعام و سنة التيمن أي الأكل باليد اليمنى
و رابعا الأكل ما أمامه وعدم الأكل ما أمام الأكلة الآخرين
خامسا عن عدم الأكل من وسط الطعام بل حاشية الصحن أو القصعة أو الصحفة و سادسا عن عدم الحشو أثناء الأكل
و سابعا عن الأكل عند الحاجة والجوع ومع الجماعة أحسن
وثامنا عن عدم الأكل مما بين أيدي الآخرين
و تاسعا عن عدم ترك اللقمة إذا سقطت بل يزيل عنها الأذى ثم يأكلها و لا يدعها للشيطان
وعاشرا عن عدم ذكر عيوب الطعام و أن يأكل ما يشتهي ويترك ما يكره
الحادي عشر عن ضرورة تعليم الأطعمة التي كان يحبها الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأكلها لأطفالنا الصغار
و الثاني عشر عن الأطمعة التي لا يحبها الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأكلها أو يكرهها وأيضا الأطعمة المحرمة في ديننا الإسلام
نتناول في هذه الحلقة ليس عن آداب الأكل بل آداب الشرب وأول أدب نعلمه في الشرب هو تعليم الطفلة أو الطفل البسملة قبل الشرب وهي من المهام المخولة للأب المسلم و الأم المسلمة ويجب أن يكونان حريصان على تعليم الطفل البسملة في كل شيء فيه خير وخاصة شرب الماء و لا يصيبهما الملل في ذلك وتنبيه الطفل بذلك
والأسباب التي تدعونا إلى تعليم الطفل البسملة قبل الشرب :
1 ـ لأن البسملة هاتف نتصل به بالله نرجو فيه بركته و نقر بربوبيته و ألوهيته وحبل صوتي يربط المسلم و المسلمة بعقيدة التوحيد و ترسيخها بقول بسم الله قبل الشرب .
2 ـ البسملة قبل الشرب الهدف منها أيضا نيل الأجر و الثواب وخاصة أننا نكثر من الشراب يوميا و جسد الطفل أو الطفلة يحتاج إلى ذلك دوما فنحن البشر نحتاج يوميا 2 لتر من الماء فكلما شربنا يوميا زاد رصيد الحسنات والثواب و الأجر إن شاء الله .
3 ـ البسملة قبل الشرب حاجز منيع للشيطان من الشرب معك وهل هناك بركة و عظمة وحلاوة أعظم من أن تشرب و تمنع و تحجز الشيطان عدوك من الشرب معك و تجعله غير موجود و ممنوع من الشرب معك وتبعده عنك حتى لا يأمرك بمعاصي و تعيش بالبسملة في ملكوت الطاعة.
4 ـ البسملة قبل الشرب تخلق جو إيماني يضفي السكينة و الاطمئنان في المكان الذي تشرب فيه و تسمي فيه الله عز وجل .
5 ـ البسملة قبل الشرب هي ببساطة تربية صوتية على ذكر الله و تعويض عن نقص قد أحدثناه في أماكن أخرى للعبادة و منها المساجد أو المصليات لأن من ناس من يكون آخر من يدخل إلى المسجد و أول من يخرج منه و لا يلح على الذكر ولا يتفوه بالأدعية المأثورة و قد يصلي في المنزل و بالجملة يجمع صلواته في وقت واحد و العياذ بالله لهذا فقول البسملة تعويض عن نقص لأن ذكر البسملة قبل الشرب قد يكون في المطبخ أو في السيارة أو في الطائرة أو في حديقة أو صحراء قاحلة أو على شاطئ البحر وقد يكون في الليل أو في النهار المهم أن البسملة صالحة في كل زمان ومكان وعلينا أن لا ننسى تربية أطفالنا تربية إسلامية في تذكيرهم بقول بسم الله قبل الشرب وهذا لتربية اللسان على أحلى و ألذ كلمة وهي كلمة الله وخاصة عند الشرب و العطش و تجعلنا نرجع إلى محراب الذكر ونقصد بالذكر طبعا ذكر الله وإذا ذكرنا الله فالله سوف يذكرنا في ملأ خير من الملأ الذي ذكرنا فيه الله في الأرض .
6 ـ كما أن كلمة بسم الله حياة للمسلم فعدم ذكر الله موت و ذكر الله حياة فقول بسم الله إحياء لسنة و استئناف لخدمة الحياة الآخرة الباقية و إعداد لها شفاهيا وتعتبر بسم الله زادا صوتيا صافيا ليوم الحساب ويوم الميعاد .
7 ـ البسملة قبل الشرب تحسين النية و تجديد الإيمان وذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين والبسملة تنفع في تصفية النفس من درن الشرك و آفة النسيان لأن تذكر البسملة يعود بالخير العميم على صاحبه وكما أننا إذا نسينا ذكر البسملة قبل الشرب مثلا ونحن حول مائدة و أطباق كثيرة موجودة ومشروبات حلال كثيرة علينا إذا تذكرنا أن نقول :
"بسم الله أوله و آخره " وعلينا أن نعلم أبناءنا هذا الحل إذا وقعوا فيه لأن الإنسان في بعض الأحيان ينسى فما بالك الأطفال و الدليل على ذلك ما جاء في سنن الدرامي : في كتاب الأطعمة باب التسمية على الطعام الحديث رقم 1935 ما يلي : أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام عن بديل عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل طعاما في سنة نفر من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إنه لو ذكر اسم الله لكفاكم فإذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله فإن نسي أن يذكر اسم الله فليقل بسم الله أوله وآخره أخبرنا بندار حدثنا معاد بن هشام عن أبيه عن بديل عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أم كلثوم عن عائشة بهذا الحديث .
8 ـ البسملة قبل الشرب تحديد الإنتماء العقائدي لأن كلمة الله لا توجد في الأديان الأخرى و لأن هناك من يعبد الكواكب و التماثيل و الحيوانات وآلهة لم ينزل الله بها من سلطان ونعوذ بالله من الشرك و المشركين فبسم الله كتعويذة من الشرك وإبتعاد عن الكفر و ابتعاد عن عالم الإلحاد .
9 ـ كلمة بسم الله مضادة للألم لأنه إذا كانت كلمة آه للتوجع و الألم فكلمة بسم الله مضادة لليأس و الألم و لأن من تصيبه مصيبة عليه أن يقول يا الله وعلينا تربية أطفالنا بأن نقول لهم قولوا بسم الله عند شرب الدواء و أن يقولوا بعد البسلمة " يا الله اشفني " أو ياربي يا الله اشفني " فهي أيضا مضادة للداء و أحلى نداء عند نوازل الآلام و الأسقام وكلمة حلوة وتربطنا بالله فهو الشافي .
10 ـ كلمة بسم الله تساعد على الشهية الطيبة عند شرب الماء و الأمل وحب ما نشرب وعدم التقزز .
11 ـ قول بسم الله دعوة إلى فصاحة اللسان العربي المبين فعندما نسمع المسلمون الأعاجم يقولون بسم الله أو يقولون كلام آخر ويصعب عليهم النطق ندرك نعمة أننا نحسن نطق هذه اللغة بسهولة التي هي لغة القرآن و لغة أهل الجنة و لغة النبي صلى الله عليه وسلم .
12 ـ قول بسم الله ضرورة معرفة أحلال ما نشرب أم حرام لأنه لا يجوز أن نقول بسم الله ونحن نشرب شيء محرم مثل الخمر نسأل الله السلامة والهداية و أن يحفظنا من الوقوع في الحرام فإذا قلنا بسم الله علينا أن نقوله لمشروب حلال لأن الحلال صحي ومفيد والحرام يحدث الأمراض و ضار .
13 ـ قول بسم الله قبل الشرب مهمة الأب المسلم و الأم المسلمة في تعليم و تربية الأطفال المسلمين إناث أو ذكور لأنها من الآداب في الشرب في شريعة الإسلام ولأنها السنة المطهرة الشريفة و مع هذه التربية يجب أن نربطها ببعض الأسماء الحسنى لله عز و جل منها:" الرزاق ، الواسع ، اللطيف و غيرها من الأسماء الحسنى " ويجب أن نعلم أطفالنا عدم بخل بسقي الناس بالماء خاصة في تربيتهم وهم صغار لأن في سنة النبي صلى الله أن خير الصدقة سقي الماء فقد روى الإمام أحمد و غيره عن سعد بن عبادة قال : قلت : يارسول الله إن أمي ماتت ، أفأتصدق عنها ؟ قال : نعم ، قلت : فأي الصدقة أفضل ؟ قال : سقي الماء . حسنه الألباني .
فمن خلال هذا الحديث نعرف قيمة سقي الماء و أهمية تربية أبنائنا على الكرم فنحن لا نعلمهم الكلام فقط أي قول بالبسملة قبل الشرب بل نربط هذا بجعلهم يقومون بالمبادرة بسقي الناس فمثلا في شهر رمضان نأخذ لتر من اللبن مثلا و نأمرهم بسقي الصائمين عند إفطار بعد آذان المغرب أو سقيهم بالماء أو ملء برميل من الماء يوضع في مكان عام يشرب منهم العطشى وغيره من الأعمال التي نربي جيل الإسلام منذ نعمومة أظافره لأنني لا أريد أن أركز على القول بل أريد أيضا أن أعلم المربي المسلم و المربية المسلم على تعدي القول إلى العمل لأنننا لسنا أمة تتعتمد فقفط على القول بل القول و العمل حتى نثبت أن عندما نقول بسم الله فإننا نقوم بالخير لأن بسم الله تعني أننا من أهل فعل الخير
تطبيقا و ليس نظريا أوشفاهيا كما علينا اتخاذ القصص التي تدعو إلى مكارم الأخلاق من بين الوسائل التي نربي بها أطفالنا و بالنسبة لسقي الماء نستطيع أن ننهل من الأدب العربي هذه الحكايات و لكن أفضل هذه القصص ما جاءت به السنة حول سقي الماء
وعلى المربي المسلم والمربية المسلمة معرفتها فقد قال البخاري في الجامع الصحيح باب فضل سقي الماء ثم ذكر بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال : لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسك بفيه ثم رقي فسقى الكلب فشكر الله له .فغفر له ، قالوا : يا رسول الله و إن لنا في البهائم أجرا ، قال : في كل كبد رطبة أجر ، وإذا كان هذا في البهائم فما بالك بالإنسان المسلم
ولهذا إني أريد أن أركز على قيمة القصص وخاصة قبل النوم ولأننا علينا من خلال السنة نبين إلى الناس كافة أننا ندعو إلى الكرم و إلى الرفق بالحيوان وأننا لسنا همج وأننا أهل حضارة ورقي في أخلاقنا و أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم تدعونا إلى ذلك ولهذا فأنا في هذه الحلقة لا أريد فقط التركيز على قول البسملة قبل الشرب بل أريد أن نستعمل أشياء أخرى في تربية أبنائنا و علينا البحث عن كل الوسائل التي تصنع جيل مسلم متحضر متشبع من معين السنة و القرآن و الإستفادة بوصائل الإتصال و طرق التعليم و التربية الحديثة .
كما أننا من أهم الأشياء التي نعلمها الطفل عند الشرب هي القول بأن الله يقول في سورة الأنبياء الآية 30 : "و جعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون "
بالنسبة لتفسير هذه الآية قيل فيه الكثير واختلف فيه العلماء لأن هناك من قال أن الماء الذي يقصد به النطفة وهذا قد يكون صحيحا و الله أعلم ولكن نحن في تربيتنا لأطفالنا من الصعوبة بمكان أن نحدثهم عن التناسل ولكن نحاول أن نقول أن النبات يحتاج إلى الماء و أن الحيوان يحتاج الماء و الإنسان يحتاج إلى الماء و أن الله جعل حياة المخلوقات مرتبط بالماء و نزيد و ربما عندما تكبرون سوف تجدون تفسير آخر لهذه الآية ونركز أن
الله أعطانا نعمة وهي تتمثل في الماء وعلينا كمسلمين أن نكون أهل كرم في سقي الناس
بالماء و أننا علينا أن ندرك قيمة الماء بالنسبة للأشجار و النباتات و الطيور و الأسماك و الحيوانات و البشر وعلينا أن لا نبخل فبهذه النعمة على أنفسنا بان نسمي قبل الشرب ونحمد بعد الشرب و أحسن شيء أن لا نبخل بهذه النعمة التي أدركناها على المخلوقات بالماء حتى لو كان وردا نغرسه في أصص أو عصفور في قفص أو حتى كلب أو عابر سبيل وأطلب منكم إعطائنا وجهة رأيكم فيما ذهبت إليه وإني أفتح النقاش في هذه الفكرة للقراء و لمتتبعي هذه الحلقات و ترشيدنا بأفكارهم .
هذا ما وفقني الله في كتابته عن أصول التربية في الإسلام وبالخصوص في آداب الشرب إن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان ونسأل الله الهداية و التوفيق و أطلب تصحيح أي خطأ في الفكرة أو الحديث أو الإملاء أو الأسلوب و تنبيهي ولكم الأجر و جزاكم الله خيرا مسبقا وأختم فأقول أللهم أرنا الحق حقا و أرزقنا إتباعه و أرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه وإلى اللقاء إن شاء الله في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبراكاته واستودعكم الله أماناتكم ودينك وخواتيم أعمالكم.
السبت 18 يونيو 2016 - 11:05
