بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد أواصل معكم الحديث عن رسائل رمضان وهذه المرة السؤال هو كالتالي :
ما هي رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر ؟ هل هناك رسالة واحدة أو رسائل عديدة ؟ والجواب أن هناك رسائل عديدة وهي كالتالي :
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر هو دعوة إلى ترك الشهوات و الاجتهاد في التقوى والفرار إلى الله وعبادة الله و الجري إلى الأعمال الصالحة التي ترضي الله وتدخل الجنة فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره وأحيا ليله، وأيقظ أهله. متفق عليه واللفظ للبخاري
هذا الحديث أخرجه البخاري في الصوم رقم 1901، كما أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين تحت رقم 760 وهو حديث متفق عليه و الحديث المتفق عليه علم يقيني من الواجب العمل به .
وشد مئزره " أي: اعتزل نساءه، وقال: المراد الجد والاجتهاد في العبادة.
فمن خلال الحديث النبوي الشريف يتضح لنا أنه يجب ترك عالم الخمول و الكسل و الولوج إلى عالم الإيمان و العبادة بجد ونشاط وكد ودعوة الأهل و الأقارب إلى العبادة لأن اللامبالاة بتاركي الصلاة سواء النافلة أو الفريضة شيء بغيض و الأنانية والشح من الأشياء البغيضة ومن كرم الأخلاق دعوة أحبابنا و من تجمعنا بهم صلة الأرحام من أبناء و أزواج و إخوة وغيرها من صلات القرابة إلى التقرب إلى الله و عبادته و تجهيز أنفسنا بالزاد ليوم الميعاد.
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر أن العبادة ليس في النهار فقط بل حتى في الليل و قد يكون الأجر مضاعف لأن التعبد في الليل متعب و لأن الليل مخصص لنوم و الراحة و نتيجة ترك العبد النوم من أجل عبادة الله يضاعف الله عز وجل له الأجر و لا مانع لتخصيص جزء منه لعبادة الله لأن الله له نعم كثيرة لأن الله يقول في سورة ابراهيم الآية 34 " وأتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان كان لظلوم كفار " . إذن لكي لا تكون إنسان كفار بالنعم يجب أن تكثر من عبادته في النهار والليل و لا تقل لا تستطيع وتظلم نفسك لأن الله أعطاك كل شيء سألت عنه وطلبته وأعظم هدية من الله أن جعلك مسلما ومؤمن وأكرمك لأنك لا تعبد البقر أو الأصنام أو النجوم أو الكواكب ولم تكن من أهل الشرك أو من الضالين .
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر تعلم الإيمان ولا تقل اكتفيت ايمانا بل تطلع إلى المزيد من الإيمان لأنه يجب أن تعلم أن الإيمان يزيد وينقص .
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر تعلم سنة الاحتساب والكثير منا لا يفقه سنة الإحتساب فمثلا عندما تذهب إلى السوق فكل شيء تشتريه كنفقة على أهلك احتسبه لله لهذا احتسب كل ثانية صوم عن الطعام و الشراب و صوم عن الشهوة و الصوم على قول شتيمة أو فحش من القول و صوم بغض البصر احتسبها حسنة و أدعو الله أن يضاعف لك واحتسب في الليلة القدر أو غير ليلة القدر بأنك قائما لله و أنك لم تنم و اذكر الله و اجعل إيمانك يقوى و أكثر من قراءة القرآن فقد جاء في صحيح البخاري و في كتاب الإيمان رقم 34 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب قال حدثنا أبو زناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من يقم ليلة القدر إيمانا و احتساب غفر له ما تقدم من ذنبه .
لهذا ما دام الإحتساب سنة نبوية شريفة و دعا رسول الله إليها فلا تتركها آبدا طول حياتك وكل علماء الإسلام يدعون إلى عبادة الإحتساب حتى أن يوم القيامة سمي بيوم الحساب وحتى القرآن في سورة القدر دعا إلى الإحتساب حين قال الله عز وجل في الآية رقم 03 : "ليلة القدر خير من ألف شهر "
فالرسالة واضحة تعلم الإحتساب وجري وراء الأجر العظيم بل الأجر الأعظم و التعرض لنفحات الإيمانية و الأيام و الأوقات والأعمال التي تضاعف الحسنات للدخول إلى الجنات و تجنب عذاب جهنم و المغفرة من الذنوب التي ير تكبها العبد .
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر تعلم الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم و أحفظها و قلها في كل ليلة بل في النهار أيضا و بل اليوم كله وأذكر الدعاء المناسب في الوقت المناسب فدخول المسجد له دعاء و الخروج من المسجد له دعاء و دخول المنزل له دعاء والخروج من المنزل له دعاء لهذا يجب الحرص على معرفة السنة النبوية في الدعاء .
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر يجب أن تحرص على دعاء نافع لأن أمنا عائشة سألت عن الدعاء الذي يجب قوله وجاء في سنن الترميذي في كتاب الدعوات رقم الحديث 3435 حدثنا قتيبة حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت قلت :
يارسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي أللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
وجاء في سنن ابن ماجة في كتاب الدعاء الحديث رقم 3840 حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عائشة أنها قالت :
يا رسول الله أرايت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو قال تقولين أللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
وجاء في سنن ابن ماجة في كتاب الدعاء الحديث رقم 3838 حدثنا عبد الرحمان بن ابراهيم الدمشقي حدثنا ابن فديك أخبرني سلمة بن وردان عن أنس بن مالك قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : "يا رسول الله أي الدعاء أفضل قل سل ربك العفو والعافية في الدنيا و الآخرة ثم أتاه في اليوم الثاني فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل قال سل ربك العفو و العافية في الدنيا و الآخرة ثم أتاه في اليوم الثالث فقال يا نبي الله أي الدعاء أفضل قال سل ربك العفو و العافية في الدنيا و الآخرة فقد أفلحت ."
لهذا يجب أن نكون مثل الصحابة و السلف الصالح من التابعين وغيرهم من الصالحين بأن نحرص على معرفة ديننا و الدعاء النافع المستجاب الذي ينفعنا يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم و دعاء نافع للآخرة.
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر أسئل عن دينك وخاصة العلماء و صاحب العلماء و الأئمة الصالحين ولا تترك الدعاء طول حياتك و أعلم إذا كان في ليلة القدر ينزل جبريل مع الملائكة فإن في سائر الأيام وخاصة في الثلث الأخير من الليل ينزل الله نزولا يليق بجلاله ويسأل هل من مستغفر فإغفر له لهذا يجب كمسلمين أن نحرص على الدعاء و طلب المغفرة بل و العفو لأن العفو أحسن من المغفرة فالمغفرة أنك إذا فعلت ذنباً فالله يسترك
في الدنيا، ويسترك في الآخرة، ولا يعاقبك على هذا الذنب،لكن الذنب موجود! أما العفو فالذنب غير موجود أصلاً، كأنك لم ترتكب الخطأ، لأنه أزيل ولم تعد آثاره موجودة، لذلك فهو أبلغ والله أعلم و حديث النزول ثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له.
الحديث رواه البخاري في الجمعة برقم 1077 وفي الدعوات برقم 5846 وفي التوحيد برقم 6940، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها برقم 1261 و 1262، وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم 7275.
وعلينا توضيح أمر مهم فحول هذا الحديث و إليكم ما قاله ابن تيمية وهو كالتالي : وليس لله صفة يماثله فيها غيره، فلهذا لم يجز أن يستعمل في حقه قياس التمثيل ولا قياس الشمول الذي تستوي أفراده، فإن ذلك شرك إذا سوي فيه بالمخلوق بل قياس الأولى، فإنه سبحانه له المثل الأعلى في السموات والأرض فهو أحق من غيره بصفات الكمال وأحق من غيره بالتنزيه عن صفات النقص.
كما يجب أن نقول عن النزول ما قاله الإمام مالك عندما سئل عن الإستواء
فقال : الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة
لهذا لا يجب الخوض في الغيبيات ولهذا يجب أن نقول في مثل هذه المسائل الله أعلم .
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر اسع إلى طلب الفردوس التي هي الدرجة السابعة وهي أعلى درجة في الجنات لأن عدن هي الدرجة السادسة لن ليلة القدر تفول أي ليلة بألف شهر لهذا فالرسالة تدعو إلى التفوق و البحث عنه و السعي لنيل هذه المرتبة .
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر يجب أن تعظم الوقت واستثمر الوقت في الخير وإقتناء أجوده وأنفعه .
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر اسع إلى معرفة الأفضل في العبادات مثل ما هو الحج الأفضل هل هو القرآن أو الإفراد أو التمتع طبعا الأفضل هو التمتع .ما هي أفضل الصدقات هل الصدقة على الأهل أم عابري السبيل أم المساكين طبعا على الأهل أفضل و ما هي أحسن الأدعية و الصحيحة المأثورة في السنة النبوية الشريفة ما هو سيد الإستغفار في الدعاء ؟
ما هي أحسن صدقة جارية ؟ ما هي أحسن تفاسير القرآن ؟ما هي أحسن كتب السيرة ؟ ما هو أفضل مكان لصلاة النوافل ؟ وهكذا دواليك .
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر أن الليالي ليست متشابهة فكل ليلة لها خصوصياتها وميزاتها فأحرص على أفضل ليلة تمر في عمرك لتتفوق فيها في عبادة الله وما ينطبق على الليل ينطبق على النهار احرص أن يكون نهار اليوم خير من الأمس في عبادة الله و جهز نفسك أن يكون غدك خير من يومك وهكذا دواليك و لا يجب أن تخور قواك و عزيمتك في عبادة الله ماديا ومعنويا .
رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر أبحث عن أعظم درجة يضعها الله للمؤمنين لأن الله يميز بين المؤمنين و المشركين وبين المؤمنين والملحدين و يميز بين المؤمنين و المؤمنين فالله عز وجل يقول في سورة التوبة الآية 20 :"الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ"
فمن خلال الآية يتبين أن المؤمن الذي هاجر خير من المؤمن الذي لم يهاجر وهكذا دواليك كما أن هناك أعمال أفضل من الصيام والصلاة و الصدقة وعلى المؤمن البحث عنها ومعرفتها وهذه هي رسالة ليلة القدر ففي الحديث المرفوع حدثنا أبوبكر المادرائي حدثنا أبو عمر العطاردي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ " , قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : " صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ , قَالَ , فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ " .رواه الترميذي و أبو داود و أحمد بن حنبل وابن حبان وغيرهم .
وهنا ك أيضا حديث مرفوع عن أفضل الدرجات رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ دَرَّاجٍ ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ : " أَيُّ الْعِبَادِ أَفْضَلُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا . قَالَ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمِنَ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَوْ ضَرَبَ بِسَيْفِهِ فِي الْكُفَّارِ ، وَالْمُشْرِكِينَ حَتَّى يَنْكَسِرَ ، وَيَخْتَضِبَ دَمًا لَكَانَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَفْضَلَ مِنْهُ دَرَجَةً " . قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ غَرِيبٌ .
لهذا من خلال الحديث الأول و الحديث الثاني يزيد فهمنا أن علينا البحث دائما عن الأعظم و الأغلى و الأحسن و الأجمل وعن أي عمل يرفع درجاتنا في الجنة و تزيد حسناتنا
هذا ما وفقني الله في كتابته عن رسالة شهر رمضان الكريم المعظم من خلال ليلة القدر فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان أللهم أرنا الحق حقا و أرزقنا إتباعه و أرنا الباطل باطلا و أرزقنا اجتنابه .
الجمعة 3 يناير 2014 - 20:29
