بسم الله الرحمان الرحيم.
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .
أما بعد سوف سأواصل في هذه الحلقة الرابعة بالحديث عن دروس رمضان والأخلاق التي نتحلى بها فيه ومن بين أهم الأخلاق خلق الحلم على الرغم أنني كنت أود أن أكمل الحديث عن خلق الكرم أو خلق الصبر لكن أترك الحديث عنهما في حلقات أخرى و أفضل أن أكتب في هذه الحلقة عن خلق الحلم لأن شهر رمضان يمر و أنا لست في عطلة سنوية وليس لي متسع من الوقت وفضلت أن أنوع في الحديث عن خلق آخر غير الكرم و غير الصبر و أنتقيت الحديث عن خلق الحلم فشهر رمضان المعظم والمقدس يعلمنا حقا درس الحلم
لأننا نتعلم فيه التحكم في شهواتنا و الصبر على ألم الظمأ و الجوع فهذا يجعلنا لا نطلق العنان للغضب و الأهواء النفسية وقد علمنا رسول الله أن نكون من أهل الحلم والحكمة و الأناة و أن لا نجهل و لانقل الكلام الفاحش أثناء الصيام فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائمٌ - مَرَّتَيْنِ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ - تَعَالَى - مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا))؛ أخرجه البخاري.
فمن خلا ل الحديث يتبين أن الصيام هو التمسك بخلق الحلم حيث يدعو الرسول بأن لا نرد بالذي يشتمنا بشتيمة أخرى بل نقول له إني صائم وهذا منتهى الحلم والحكمة وسمو الأخلاق . لأن الحلم هو العفو عند المقدرة فالصائم قادر أن يرد بأن شتيمة أخرى أو بالضرب لكن يعفو ويقول أنه في عبادة الصيام بالقول إني صائم على مرتين لأن الحلم أحسن من الفجور و أفضل من قول الفاحشة والمنكر و أحسن من إطالة الشجار و القتال لهذا قول إني صائم دليل على الصبر و الحكمة في العقاب وهذا فيه خير كبير بحيث أن العقاب على السب و الشتم لم يكن بالسب والشتم بل بقول كلام لين و عظيم وهو " إني صائم "
أي أن الصائم صبر ووسع باله ولم يكن في ضيق من مكر من شتمه بل إختار الصبر و قول كلمة طيبة فلم يعاقب من جنس العقاب بل اختار الصبر والحلم وقول ما يرضي الله و رسول الله وطبق قول الله عز وجل في سورة النحل الآية 126 و 127 و128 :وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين 126واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون 127 إن الله مع الذين اتقوا و الذين هو محسنون 128.
فمن خلال الآيات يتبين أن الحلم والصبر على الأذى هو خير ويتبن أن شهر رمضان مدرسة حقيقة للأخلاق ومن بينها الحلم والصبر .
ويبدو جليا أن السنة النبوية الشريفة تدعو إلى الحلم والتعقل الذي ينشر التآخي والمحبة والسلم في المجتمع ويطفأ نارالغضب والفتنة فالحلم فيه خير عميم وفيه البشاشة والهشاشة واللطف و السعادة وفيه كظم الغيظ .
وكظم الغيظ من الحلم وفيه ثواب عظيم فعن معاذ بن أنس، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"من كظم غيظاً وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره قي أي الحور شاء "
أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده (15637) والترمذي في سننه (2021) وقال حسن غريب، وأبو داود في سننه (4777) وابن ماجة في سننه (4186) وهو صحيح.
فمن خلال الحديث يبدو أن السنة النبوية الشريفة تشجع على انتشار خلق الحلم وكظم الغيظ ومن أجل ذلك نقول أن شهر رمضان مدرسة لتحكم في النفوس والأعصاب لأن الصيام يعلم الجسد على التحكم في طلبات الحاجيات من ماء وشرب وطعام والتحكم خاصة في شهوة الفرج من خلال ذلك يمكن التحكم في القلب و أهوائه وتدريب العقل على عدم التهور أو إطلاق شهوات النفس ومع الوقت يتعلم المسلم الصائم الحلم والأناة والحكمة .
وللحديث عن مدرسة شهر رمضان و خلق الحلم بقية في الحلقة القادمة هذا
هذا ما وقفني الله في كتابته فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان ونسال الله الهداية والتوفيق فيما نكتب وإلى اللقاء إن شاء الله في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبراكاته واستودعكم الله أماناتكم ودينك وخواتيم أعمالكم و الرجاء تنبيهي إلى أي خطأ مهما كان نوعه إملائي أو ممن ناحية الفكرة أو الأسلوب و جزاكم الله خيرا مسبقا .
الإثنين 14 يوليو 2014 - 8:19
