علمني شهر رمضان التوبة

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة و السلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أشرف خلق الله وخاتم الأنبياء والمرسلين أما بعد سوف أتحدث عن ماذا يعلمنا شهر رمضان شهر العبادة و الصيام :
علمني شهر رمضان التوبة و أن أقرأ سورة التوبة بتمعن و دقة متناهية حتى لا أغتر بنفسي لأن الغرور صفة ذميمة في الإنسان و لآن آيات سورة التوبة في القرآن الكريم مرجع هام لكل التائبين و لأننا جميع نقوم بالذنوب وكل عبد من عباد الله له نسبة مئوية في الذنوب عليه السعي لمسحها و فهم كيفية التخلص منها وإلغائها من صحيفة أعماله اليومية و بل من صحائف ما مضى من عمر لكي تكون له حسن الخاتمة .
علمني شهر رمضان أن أتوب من النظرة التشاؤمية التي قد أقع فيها في بعض الأحيان فأتوب بالتفاؤل وأفتح أفاق جديدة للأمل عندما تحاصرني الآلام و الهموم و أحسن الظن بالله في كل الظروف .
علمني شهر رمضان أن أتوب من التفكير فقط في نفسي بأنانية و ملء بطني وتوبتي تتمثل في أن أسعى في التفكير في الجياع و إلى إطعام الجائعين من حولي و أبحث عنهم و أفكر فيهم لأن هذا عمل عظيم و بالتحريض على إطعام الفقراء و المساكين إن كانت إمكانياتي المادية محدودة لأن في عقيدتنا كمسلمين الدال على الخير كفاعله .
علمني شهر رمضان أن أتوب من اللغو و الكلام الفارغ و من النكت التافهة بقراءة أذكار الصباح و المساء و الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه و سلم .
علمني شهر رمضان أن أتوب من الشراهة في الأكل و حشو الفم والمعدة بمختلف الأطمعة المختلفة و من التبذير بالصوم بعد شهر رمضان الست من شوال و يوم الإثنين و الخميس و الأيام البيض و العشر الأولى من شوال و يوم عاشوراء و تسوعاء وأي يوم يصلح للصوم في شريعة الإسلام سواء كان سنة أو نافلة أو مستحسن .
علمني شهر رمضان أن أتوب من البخل و عدم التصدق بالإنضمام إلى جمعيات خيرية لديها مصداقية وصدى في مجتمعنا المسلم مادام إمكانياتي المادية محدودة أو إهداء إلى الجيران ببعض ما طبخت أو بإقتسام أكل مع زميلي في العمل أو توجيه مال زكاة إلى محتاج حقيقي و غيرها من وجوه الصدقة أو بمسح رأس يتيم أو بالرفق بالحيوان .
علمني شهر رمضان أن أتوب من رؤية بعض المشاهد الفاسدة برؤية أيات المصحف الشريف و قراءتها و أن أبكي بخشوع و دموع تنزل من عيوني خوفا من عذاب الله أو برؤية قدرة الله و آيات إبداع الله في الكون مع نزول عبرات طبعا خشوعا لله و بغض بصري في الأيام القادمة.
علمني شهر رمضان أن أبواب التوبة مفتوحة و لا تغلق لذا أتحرى أوقات الدعاء لطلب المغفرة وقبول التوبة من الله لأنني عبد ضعيف فإذا لم أوفق في حظي من ليلة القدر فإن في الثلث الأخير من الليل الدعوة مستجابة و عند الآذان و عند السجود و في ساعة خاصة في الجمعة وعند نزول الغيث
وعند التأمين في الصلاة و عند شرب ماء زمزم مع النية الصادقة و
وعند الوضوء و عند المرض و عند سفر الشاق ودعاء الناس عقب وفاة الميت وعند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر و الدعاء بعد الثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير وغيرها من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء .
علمني شهر رمضان أن تكون توبتي يومية و توبة نصوحة توبة في عزيمة بعدم الرجوع مئة بالمئة إلى الذنب الذي اقترفته لأن الله يقول في سورة التحريم الآية 08 : " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا "
علمني شهر رمضان أن التوبة ليس للمنافقين فقط أو الفساق بل إلى المؤمنين أيضا لأن الله يقول في سورة النور الآية 31 :
" وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون "
علمني شهر رمضان أن أتوب و أتأكد من أن اله سيغفر لأنه الله يقول في القرآن الكريم الآية 82 من سورة طه :
" و إني لغفار لمن تاب " فمن خلال الآية الكريمة يتبين أن كلمة غفار جاءت بصيغة المبالغة لذا نطمع جميعا كمسلمين بأن يغفر الله لنا بعد التوبة النصوحة.
علمني شهر رمضان أن أتوب لأن من أسماء الله الحسنى الرحيم و الرحمان ومن أحسن الأسماء أرحم الراحمين ولأن الله يقول في سورة الأنعام الآية 12 :
" كتب على نفسه الرحمة " و المقصود هنا أن الله وعد بالرحمة لهذا أنا في قرارة نفسي أتمسك بهذه الآية إلى أن ألقى الله بها و أحتفظ بها لنفسي و أنصح الآخرين بها يوم لا ينفع مال و لا بنون لأني في حاجة ماسة لرحمة الله و قبول توبتي .
علمني شهر رمضان أن أتوب في الوقت المناسب و ليس في وقت غير مناسب
فالوقت مهم و إختياره أهم لأن الله يقول في سورة النساء الآية 18 :
" وليس التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن " لهذا أنا أحبذ أن تكون توبتي قبل موتي بزمن طويل و عريض حتى أطهر نفسي المقصرة في واجبي نحو الله بأعمال حسنة ٌلإزالة الكثير من الذنوب.
علمني شهر رمضان التوبة فمثلا إذا شتمت أندم فأقوم بالإستغفار و التسبيح
وأدعو لم شتمته بالرحمة و المغفرة و أصول في قراءة وقول الأذكار و الأدعية و الكلمات الطبيبة و إفشاء السلام بين ناس بعد ذنب السب و الشتم لأمسح الكلام القبيح بكلام مليح و أعوض السيئات بالحسنات .
علمني شهر رمضان فمثلا إذا بخلت أندم و ألجأ إلى عالم الكرم و الجود بما أستطيع لأن الكريم يجود بما عنده .
علمني شهر رمضان إذا سألني متسول و لم أمنح له قطعة نقدية لا أشتمه أو أنهره أو أقول له اذهب لكسب قوتك بعرق جبينك بل أقول له كلمة طيبة مثل الله ينوب عليك و أتصدق عليه بالإبتسام و أحرض آخرين على التصدق خاصة في هذه الأيام على الأفارقة و السوريين إن وجدوا و لا أحرض على العنف ضدهم و أرعب الناس بالقول أن فيهم أمراض خبيثة .
علمني شهر رمضان التعويض في الصلاة فمثلا إن لم أصل التراويح في المسجد أتوب و أصليها لوحدي في المنزل ثم اصلي التهجد و أكثر من النوافل.
علمني شهر رمضان أن التوبة ليس للمذنبين بل هي تمس حتى خيرة الناس و الدليل أن الله تعالى قال في سورة التوبة الآية 117 :
" لقد تاب الله على النبي و المهاجرين و الأنصار ..." لهذا لا غرور يمس النفوس وخاصة نفوس المسلمين والمؤمنين التوبة يجب أن تكون صلاحيتها دائمة و للاستهلاك اليومي من المهد إلى اللحد وعدم الكف من طلب المغفرة والتوبة طول حياتنا و أعمارنا.
علمني شهر رمضان أن الله لا يرفض توبة أي كائن من كان كما نظن جميعا في بعض الأحيان كقولنا أن الله إلا هذا فلن يقبل الله توبته حيث أن الله قبل توبة قاتل مئة نفس وحيث يقول الله في سورة التوبة الآية 104 :
" وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ..." فالآية القرآنية الكريمة حددت أن الله وحده له صلاحية قبول أو رفض التوبة و ليس لأي كائن من كان صلاحية تعيين الأشخاص الذين تقبل توبتهم و الذين لا تقبل توبتهم كا أن الآية الكريمة لم تحدد أي فئة تقبل توبتها فكلمة عباد تشمل البشرية قاطبة إلى أن يرث الله الأرض و من عليها .
علمني شهر رمضان بعدما أتوب من عمل غير صالح بأن أقوم بعمل خير و صالح لكي يقبل الله توبتي و أكون صافيا و نيتي حسنة و أترك قبيح الأعمال و أعوضه بأعمال حسنة لأن الله يقول في سورة الفرقان الآية 71 :
"ومن تاب و عمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا "
علمني شهر رمضان أن أتوب و أن الله سواء في الليل أو في النهار يقبل التوبة النصوحة عن أبي موسى الأشعري قال صلى الله عليه وسلم ـ"إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار , ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ." وراه مسلم في صحيحه في كتاب التوبة الحديث رقم 2759.
علمني شهر رمضان أن أفرح بتوبتي و أفرح لفرح الله بتوبتي فعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري- خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم _ رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم ، سقط على بعيره, وقد أضله في أرض فلاة".البخاري فى كتاب الدعوات 8/84 برقم 6309 .
والحديث ذو شجون عن التوبة إن كان في العمر بقية لعلنا نكتب بإسهاب .
هذا ما وفقني الله لكتابته إن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان ونسأل الله الهداية و التوفيق و أطلب تصحيح أي خطأ في الفكرة أو الحديث أو الإملاء أو الأسلوب و تنبيهي ولكم الأجر و جزاكم الله خيرا مسبقا وأختم فأقول أللهم أرنا الحق حقا و أرزقنا إتباعه و أرنا الباطل باطلا و أرزقنا إجتنابه وإلى اللقاء إن شاء الله في الحلقة القادمة من سلسلة "علمني شهر رمضان " والسلام عليكم ورحمة الله وبراكاته واستودعكم الله أماناتكم ودينك وخواتيم أعمالكم وتقبل اله صيامكم و قيامكم بمزيد من الثواب و المغفرة .