الام
قليل من رذاذ ضوئك يخنق العتمات، النّطق باسمك يروي الرّوح ويغذّي زواياها، يا ياسمينة بيضاء نقيّة، يا بلّورة ثلج تشفي الجروح وتطفئ الصرخات في الجوف الحزين، أمّي ثمّ أمّي حتّى آخر أنفاسي وعمري، هي نفسٌ باقٍ لا عمر له لينتهي، قلب يضخّ الرّبيع لعالمي، أمّي في همسي وفي جهري أحبّك ملء جوارحي، وأطرّز باسمك أسقف دربي، ومنه أصنع باقاتٍ لتكون مهجاً لعيني، يا غيمة تقطر حبّاً، تقطر عمراً ليتني أفنيه برضاكِ، رئة ثالثة تنتقي أيّ النسمات لأستنشقها، تخاف عليّ منّي قبل الورى، فلا عاش من بالحزن أحياكِ.
الأم ذلك الطّيف الدّافئ الذي كلّما زار أيّامنا الباردة دفّأها، وإن رآها موحشة آنسها، وإن كانت مظلمةً أضاءها، فهي النور الذي يراود كل ظلام يقتحم حياتنا ليطرده، هي القلب الذي يحتفظ باسمنا بين نبضاته، هي عنوان لطيف حُفِر في المدن العتيقة، وبقي عبقه إلى الآن في المدن الحديثة