بالرسم نفهم و نتواصل مع الطفل
مما لا شك فيه أن الطفل ومنذ الولادة يخضع لعدة مؤثرات داخلية وخارجة وهي تتنوع حسب البيئة التي يعيش فيها، فيبدأ الحس الفكري له ينمو ليعطي لنا في النهاية ناتج يدعى السلوك و هو تعبير وانعكاس عما تختزنه خلاياه الدماغية من معلومات مكتسبة بعد الولادة وفطرة متوازنة وأخرى مكتسبة خلال الفترة الجنينية و يرافق الطفل في كافة مراحل حياته.
و ما توصلت إليه دراسات علم النفس السلوكي أن الفن يلعب دور أساسي في تنمية حساسية الفرد لدرجة تجعله يستجيب استجابة انفعالية للمؤثرات ذات الطابع الجمالي المحيط به ، ومن هنا جاءت الحاجة إلى دراسة الفن وتنمية مهارات الطفل في الرسم ، فالإنسان بصفة عامة يمتلك وسائل مختلفة للتعبير عن المشاعر والانفعالات والحاجات فالراشد يعبر عن ذلك غالبا بالطرق اللفظية والشفوية المباشرة والصريحة بالإضافة إلى طرق غير مباشرة كالشعور والإحساس ، الفرح والحزن بينما تختلف هذه الانفعالات والطرق عن الأطفال باختلاف سنهم وخاصة التي لا تؤهلهم قدراتهم اللغوية من التعبير الدقيق عن مشاعرهم ورغباتهم وحتى ولو امتلكوا تلك القدرات فلا يمكن أن يعبروا بالطريقة الصحيحة والصريحة نظرا للقيود المفروضة من طرف الكبار خاصة الأولياء . لهذا فالرسم هو فن ووسيلة تواصل في مرحلة الطفولة فهي تساعد على فهم مكنونات الأطفال وما بداخلهم، فبالرسم يعبر عن رغباته و يترجم أحلامه و أمنياته والمستقبل الذي يراه .
إذن هو من أفضل وسائل التواصل و هذا انطلاقا من حقائق و نظريا أثبتتها دراسات علماء السلوك والأخصائيين النفسيين فمن بين فوائده تشجيع الطفل على حب الفن من خلال تنمية الذوق الجمالي والفني لديه ، تنمية مخيلة الطفل والحد من الانطوائية ، تفريغ طاقة الطفل السلبية أو الايجابية على الورق، التعبير عن الحاجات والرغبات التي لا يمكن التعبير عنها بواسطة الكلام واللغة، اكتشاف الحالة النفسية للطفل من خلال تحليل رسوماته ، معرفة شخصية الطفل و التعرف على شبكة العلاقات الاجتماعية التي يعيش في ظلها الطفل ، والأشخاص المؤثرين في حياته ، التعرف على الألوان المفضلة عند الطفل و تعزيز ثقة الطفل بنفسه وذلك عند إشعاره بالإنجاز لما رسم.
فالكثير من الأمهات والآباء ينزعجون من أطفالهم عندما يمسكون قلم و ورقة للتعبير عن أفكارهم بشخبطات و رسومات ، لاعتقادهم بأن تعلم أشياء أخرى يعد أكثر فائدة لكن يجهل هؤلاء أن الإنسان استعمل منذ القدم الرسم والنقش على الحجر و في الكهوف والمغارات كوسيلة من وسائل التعبير عن المشاعر التي تنتابه سواء من الخوف أو الفرح أو الانتصار، فضلا عن استخدامه للألوان ذات الدلالات النفسية المختلفة. لهذا تم استعمال الرسم كأسلوب علاجي نفسي في بعض الحالات المرضية لإخراج مشكلة ما من العقل الباطن إلى العقل الواعي ، ومن خلال تفسير رموزها يمكن اكتشاف الحالة النفسية والمرضية للشخص ليتم معالجتها .
لذا ننصح جميع الأمهات والإباء، الأساتذة والمربين على تشجيع الأطفال على الرسم لما فيه من فائدة ، بهذا الفن نتواصل معهم ونتغلب على الصعوبات التعليمية ونجعل التعليم محببا لديه و جذابا فيمكن أن يطلب الأستاذ من التلميذ رسم معادلة بطريقة فنية لان ذلك يساعد على قدرة الاستيعاب والحفظ والتذكر، وهنا نأتي إلى القاعدة التي تقول" الصورة بألف كلمة"، فلغة التواصل مع الطفل هي فن الرسم .
المدرب المهدي سلطاني