قد يكون عيد الأضحى المبارك الحالي مختلفا عن أعياد السنوات الماضية بسبب إنجاز جزء مهم من الطريق السيار شرق غرب، الذي صار المواطنون يستعملونه دون اللجوء إلى الخطوط الجوية الجزائرية، حيث سهل الحركة وقضى جزئيا على الازدحام الكبير، الذي تعوّد عليه المواطنون الذين كانوا يلجؤون إلى الطائرة لتدهور وتعقد الحركة عبر الطريق الوطني رقم 5، حيث اختزل الطريق السيار المسافة بين العاصمة وقسنطينة ووهران إلى حوالي5 ساعات، وقضى على ظاهرة مبيت المسافرين في الخلاء بسبب الازدحام في الأعياد الدينية والمواسم.
وما زاد في سهولة الحركة هذا الموسم هو الجو المشمس الذي عرفته مختلف المدن الجزائرية هذه الأيام، والتي ستتواصل حسب مصادر الأرصاد الجوية إلى غاية عيد الأضحى المبارك، وهو ما جعل اللجوء إلى الطريق السيار أشبه بالفسحة، ولكنها فسحة معنوية فقط، لأن أصحاب سيارات الأجرة لم يرحموا المسافرين ولم يحترموا حرمة الأيام المقدسة فأرهقوا المواطنين بالأجور المرتفعة.
ومن الغرائب أن سائق سيارة الأجرة كان يتقاضى في السابق عندما يسافر من العاصمة نحو قسنطينة أو عنابة أو وهران أو مستغانم 1000 دج للمسافر الواحد، متججا بسوء حالة الطريق، وبالازدحام وغيرها من الحجج، أما الآن فالسائقون يبقون على نفس الأسعار بل يتجاوزونها، بالرغم من أنهم يضمنون التوجه إلى العاصمة والعودة منها في ذات اليوم من الشرق ومن الغرب، وبذلك سقطت الأعذار ولم تسقط الأسعار.
أما الحافلات فلم تقدم أي خدمة إضافية والطريق السيار لا يعنيها، حيث مازالت تستعمل الطريق الوطني رقم 5 وأحيانا الطرقات الولائية بحثا عن المسافرين الجدد، ويجمع كل المسافرين عبر الحافلة بأن الطريق السيار زاد من المسافة ومن الزمن بالنسبة للحافلات التي يتفق أصحابها بشكل مخجل مع أصحاب المطاعم والمقاهي، فيجبرون المسافرين على التوقف ما يزيد عن النصف ساعة من أجل الغذاء والعشاء في غير وقته مقابل أن يتناول السائق ومساعده بالمجان؟ وهذه الظواهر تتضاعف في المواسم الدينية ومنها عيد الأضحى المبارك، حيث تصطف الحافلات أمام مطاعم ليست هي الأحسن، ولكن أصحابها يقدمون ما يشبه الرشوة لأصحاب الحافلات لأجل التوقف أمامهم، وبذلك تجفف جيوب المواطنين نقلا وإطعاما.
مشكلة عيد الأضحى لهذا العام الكبرى السيولة المالية الناقصة في مراكز البريد وفي البنوك، فرغم الانفراج الأخير إلا أن الطوابير عادت بشكل غير مسبوق وكثرت المعارك، ولأول مرة توفر مصالح الأمن المئات من رجالها أمام الطوابير الكثيرة تفاديا لأي انزلاقات، لكن المؤكد أن هناك من دخل العيد وهو لم يتسلم مرتبه الذي، حيث يصعب التنقل إلى المدن الكبرى المجاورة أو الوقوف في طوابير تبدأ منذ الفجر.. وإذا كانت وزارة التجارة قد حذرت من ترك التجار لمحلاتهم التجارية خاصة الخبازين في أيام العيد، فإن لا أحد اكترث للتحذير وبدأ من الآن الغلق دون أي تخوف والكل مقتنع أن المراقبين هم أنفسهم سيغيبون صباح الغد أول أيام العيد وربما كل أيام العيد، فما بالك بالخبازين الذين سيكونون مثل كل الجزائريين منشغلين بأضحية العيد وزيارة الأقارب.
الشروق اليومي 15/11/2010