في الأمس القريب كان العيد في الجزائر فرصة لتمتين الروابط العائلية وحسن الجوار، فكان الجيران يتسابقون للتعاون في ذبح الكباش وسلخها وحتى تقطيعها، وكان الفرد الأكبر في العائلة يزور أقرباءه لمساعدتهم يوم النحر، وحتى النساء كن يتعاون على تنظيف وغسل "الذبيحة" وكل ماله علاقة بتحضير"الدوارة والبوزلوف" وأمام التراجع المستمر لهذه القيم أصبح كل شي يوم العيد "بالدراهم".
تراجعت قيم التكافل والتعاون يوم العيد بين الجزائريين، مما جعل الكثير من تجار المواسم يجدون في هذا اليوم المبارك فرصة للربح وربح المزيد من الأموال، والمتصفح للجرائد الوطنية يلاحظ نوعا جديدا من الإعلانات المتعلقة بعرض خدمات تتعلق بذبح وتقطيع الكباش مقابل مبالغ مالية جد مرتفعة. اتصلنا بأحد المعلنين المتواجد مقره بالمركز التجاري "مونتانا" بمدينة سطاوالي، فأكد لنا أنه يملك فرقا متنقلة من الشباب لذبح وتقطيع الكبش في المنازل، مستعدة للذهاب لأي مكان والنقل طبعا على حساب صاحب الذبيحة، وعن الأسعار، قال المتحدث أن ذبح الكبش يكون بـ2000 دينار وتقطيعه بـ1000دينار، وينتشر هذا النشاط في مدينة سطاوالي المعروفة بأحيائها الراقية التي تحتوي على الكثير من الأسر التي لا تحبذ إغراق منازلها بدماء وأمعاء الذبيحة، وفي ذات الإطار يعمد الكثير من الشباب إلى التجول بين الأحياء لعرض خدمات الذبح بـ500 دينار والسلخ بـ600 دينار وتقطيع الكبش بـ700 دينار، وحتى الجزارون يفتحون محلاتهم يوم العيد لتقطيع الكباش مقابل مبالغ مالية تترواح بين 500 و800 دينار حسب حجم الكبش.
وفي ظاهرة جديدة بدأت تأخذ طريقها في الانتشار، تتجول العديد من النسوة في المنازل لعرض خدمات غسل الدوارة و"تشواط البوزلوف" مقابل مبالغ مالية تتراوح بين500 و800 دينار، وتنتشر هذه الظاهرة عادة عند الأزواج الجدد أين تكون الزوجة في حالة حمل لا تسمح لها بتنظيف وتهيئة "الدوارة والبوزلوف"، بالإضافة إلى كون العديد من النساء لا يحبذن تلطيخ أياديهن بالدماء ورائحة الأمعاء، وتجدر الإشارة أن الكثير من الرجال يعمدون إلى تعويض نسائهم في عملية غسل الدوارة و"تشواط البوزلوف".
ومن جهة أخرى يعرف مذبح حسين داي توافدا كبيرا للمواطنين يومي العيد لذبح وتقطيع أضاحيهم، فالكثير من الأسر الجزائرية خاصة منها القاطنة في الأحياء الراقية تحبذ نقل أضاحيها إلى "الباطوار" وتجنب عناء التلطخ بالدماء ورائحة الأمعاء، وتتميز المذابح بأسعارها المعقولة حيث يتم الذبح فيها بـ400 دينار وتقطيع الكبش بـ300 دج، وهناك شباب يعرضون خدمات "تشواط البوزلوف" بـ200 دينار، وتجدر الإشارة أن أكبر إشكال تعاني منه المذابح يوم العيد هو غياب النظافة وانتشار ظاهرة الذبح والتقطيع الموازي، حيث يتحول الكثير من الشباب إلى جزارين من الدرجة الأولى يجولون بالسكاكين و"الشواقر" وهذا كله في ظل غياب فرق الرقابة وقمع الغش.
الشروق اليومي 14/11/2010