أسرار العمر المديد... بين الثلاجة والصيدلية
هل يكمن سرّ العمر المديد في الصويا أم زيت الزيتون؟ في اليابان أم سردينيا؟ وهل الأحماض الدهنية، أو أحماض أوميغا 3 أو مضادات التأكسد هي إلكسير الشباب في القرن الحادي والعشرين؟ إنها أسئلة بدهية وإنما تكشف أحياناً عن أجوبة متناقضة...
هل يتم يوماً ما اكتشاف سرّ العمر المديد في أطباقنا؟ فمنذ أعوام عدة، يحاول العلماء واختصاصيو التغذية الارتكاز على هذه الفرضية ويحققون بالفعل نجاحات باهرة. يؤدي كل اكتشاف جديد إلى حميات ثورية، تعيد تأهيل بعض الأطعمة وتشجع البعض فيما تحظر البعض الآخر. وتم اللجوء أيضاً إلى الخلاصات العجيبة والمكملات الغذائية التي يمكن أن تكون تأثيراتها مضرّة بقدر ما هي مفيدة.
وفي الفترة الأخيرة، منعت السلطات الأميركية بيع المكملات المحتوية على الإفيدرين، وهو خلاصة أغصان نبتة آسيوية (الإفيدرا)، المستخدم بمثابة منشط. وقبل أشهر قليلة، منعت السلطات الفرنسية بيع المنتجات المحتوية على الكاوا، وهي نبتة استوائية لها مزايا مسكّنة. فاستهلاكها بكميات كبيرة سبب العديد من حالات التهاب الكبد في أوروبا.
لا شك في أن اعتماد أسلوب العيش الصحي وتناول الغذاء المتوازن مهمان لعيش حياة طويلة، شرط احترام بعض القواعد. فتناول كمية زائدة من السكر كل يوم يؤدي إلى زيادة الوزن سبعة كيلوغرامات خلال عشر سنوات ويؤثر سلباً في العمر المديد.
كما أن الاستهلاك الكبير للحم الأحمر يزيد من خطر التعرض لأمراض القلب والشرايين. أما الاستهلاك المفرط للملح والزيادة في بعض الدهون من دون ممارسة أي نشاط جسدي فتؤدي حتماً إلى تضاؤل فرص عيش صحية وطويلة.
لكن كيف نعرف أننا استهلكنا الكثير من السكر؟ كيف نتأكد من أن حميتنا الغذائية جيدة أو سيئة، وما إذا كانت تلبي احتياجات جسمنا؟ هناك بعض الحميات الشديدة التعقيد التي تجعلنا في النهاية نفقد صوابنا ونصبح عاجزين عن التمييز بين المضر والمفيد.
أما الدراسات العلمية فتكون في أغلب الأحيان معدّة لأغراض تجارية ولذلك نجدها غالباً تعكس نتائج متضاربة بطريقة مذهلة. فالزبدة أو المرغرين، مثلاً، التي يعتقد إنها مضرّة جداً، ليست في الواقع السمّ الذي نتخيله.
بالفعل، أثبت باحثون إيطاليون أن الزبدة تؤدي دوراً إيجابياً لدى المصابين بداء السكري ويعانون من مضاعفات في القلب. فهي تحتوي على الفيتامين E، وتخفف من تأثيرات الجذور الحرة المدمرة للخلايا والمسرّعة للشيخوخة.
ثورة حقيقية
نحن نشهد حالياً طفرة في المنتجات المرتبطة بالرشاقة واللياقة والعمر المديد. وتزخر الأسواق بأنواع الحليب المقوّى بالفيتامين والزبدة المضادة للكولسترول، مروراً بأقراص النبيذ في اليابان وحبات الفيتامين E المضادة للجذور الحرة.
ولا ننسى طبعاً المكملات الغذائية التي ينصح بها اختصاصيو التغذية والتي تدافع عن الموضة الأكثر رواجاً في الوقت الحاضر: التقليل من الوحدات الحرارية.
وقد أثبتت دراسات عدة أن الجسم المحروم من الوحدات الحرارية وإنما المزود بكل العناصر الغذائية الضرورية لتوازنه يستطيع العيش طويلاً طويلاً، وأكثر من المعدل الطبيعي. إلى أن تتحول ثلاجاتنا إلى خزانات للصيدليات، لا تنسي أن شرب الماء (المعزز بالكلسيوم والصوديوم والمغنزيوم والعديد من العناصر المغذية الأخرى!) ضروري للصحة الجيدة...